دعا جندي في جيش الاحتلال الفرنسي السابق للجزائر الرئيسَ الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند إلى "تشريف فرنسا بالاعتذار إلى الجزائر عن الجرائم التي ارتكبتها في هذا البلد".
وقال الجندي هنري بويو في نص الرسالة التي نشرها على مدوّنته الإلكترونية مخاطباً هولاند: "ستتشرف فرنسا، بمناسبة احتفالات إحياء خمسينية الاستقلال، لو بادرت أعلى السلطات إلى ما ينتظره الجزائريون طويلاً: الاعتراف بجرائم الاستعمار، وإدانة مسؤولية بلادنا بشأن سياسته الاستعمارية".
وحث بويو الذي كان شاهداً على عمليات تعذيب بشعة رئيس جمهوريته على "التحلي بالشجاعة" من أجل الاعتراف بجرائم فرنسا.
"خطأ بعض الرجال"
وخاطب هولاند قائلاً: "سيدي الرئيس، في خطابكم يوم 15 مايو/ايار 2012 أدنتم جول فيري (وهو وزير التربية الفرنسي في القرن الـ19 وكان من اكثر المسؤولين المتحمسين للسياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر والعالم) لمسؤوليته في الدفاع عن الاستعمار، وهو شيء إيجابي ولكنه غير كافٍ. فسياسة فرنسا الاستعمارية لم تكن خطأ بعض الرجال ولكنها خطأ دولة، لهذا لابد من إدانتها من أعلى السلطات في بلادنا".
وذكر بويو أن فرنسا انتهجت "قمعاً مركّزاً ضد أية محاولة للثورة، ونهبت ثروات الجزائريين لفائدة المعمّرين ورجال المال، الذين كانوا مسيطرين على الحياة الاقتصادية والسياسية للمستعمرات".
وعاد بويو إلى بدايات الاستعمار في الجزائر، وقال إن من ضحايا الجرائم المرتكب خلاله هم "أهالٍ قتلوا خنقاً بدخان النيران، بعد أن جُمّعوا في مغارات سُدّت عليهم حتى لا يخرج أحد منها حياً، وإبادة قرى بقنابل النابالم الحارقة والاغتصاب والتعذيب".
وحثّ هولاند إلى العمل على "استعادة مصداقية فرنسا كبلد رائد في مجال حقوق الإنسان، وإعادة المعنى الحقيقي لقيم الجمهورية الفرنسية، وإقامة جسور للجمع بين ضفتي المتوسط".
"لن نقبل نصف اعتذار"
وتعليقاً على هذه الرسالة أكدت المجاهدة الجزائرية المشهورة لويزة إيغيل أحريز، لـ"العربية.نت" أنها تعرف بويو منذ 10 سنوات، شارحةً انه "ناشط في جمعية مناهضة للعنصرية".
وأضافت: "هذا الرجل صاحب ضمير حيّ، كان يرى المظليين الفرنسيين يعذبون الجزائريين والجزائريات في فيلا بأعالي العاصمة الجزائرية، وأكّد لي أيضا أنه لا زال يتعذّب إلى اليوم لأن الصور والأصوات لا تغادر ذاكرته".
وأكدت أحريز أن بويو "لن يسكت أبداً"، مضيفةً أن "لديه الكثير من الأصدقاء مثله يكرهون فرنسا الاستعمارية، يطرقون اليوم على ضمير فرنسا حتى تعترف بما فعلته".
وعن إمكانية استجابة هولاند لنداء الجندي بويو، قالت أحريز: "أعتقد أن هولاند سيكتفي بنصف اعتذار، وهذا لا يكفي"، شارحةً انه سيعتذر عن أبرز الوقائع الدامية التي حصلت خلال الاستعمار لكنه لن يعتذر مجمل الجرائم.
"يكفي أن يقفوا على قبر بن مهيدي"
ومن جهته، قال المؤرّخ محمد القورصو، الذي يرأس جمعية ضحايا 8 مايو/ايار 1945، تعليقاً على رسالة بويو: "إنه اعتراف يشرّف صاحبه والفرنسيين الذين كانوا طرفاً في الحرب واعترفوا بما اقترفوا من أعمال بشعة".
وأضاف لـ"العربية.نت": "مع ذلك، نحن نأمل في استفاقة من فرنسا الحالية، لاسيما أن خطاب هولاند متزن، هو خطاب يدعو إلى تطبيع العلاقات مع الجزائر، وقد لمسنا ذلك خلال حملته الانتخابية، على هولاند أن ينحى منحى بويو، وأن يستجيب أيضاً للمطلب الذي يريده هو وتريده أيضاً جمعيتنا بالاعتذار عن كل الجرائم".
وأمل القورصو في أن تقوم العلاقات الجزائرية-الفرنسية على أساس الندية لا على أساس الإملاءات.
وردّ على الأصوات الجزائرية التي تطالب فرنسا بالاعتذار ثم التعويض قائلاً: "يكفي أولاً أن يعتذروا، وبعد ذلك سنتحدّث في ما هو آت، لأن الأمور لا تأتي دفعة واحدة، فالتعويض أمر قابل للأخذ والرد والمناقشة".
Al Arabiya 30 May, 2012
-
Source: http://www.alarabiya.net/articles/2012/05/30/217529.html
--
Manage subscription | Powered by rssforward.com