دبي - نجاح محمد علي تبدأ هذا اليوم الأحد الأول من يوليو/تموز سلسلة عقوبات جديدة فرضتها دول الاتحاد الأوروبي في اجتماع زعمائها الأخير الذي جرى في العاصمة البلجيكية بروكسل على إيران.
ويأمل الأوروبيون من خلال فرض هذه العقوبات تضييق الخناق على إيران اقتصاديا من أجل إجبارها على التوقف عن برنامجها النووي المثير للجدل.
ويعبئ الإعلام الحكومي الإيرانيين على أن هذه العقوبات لن تثني إيران لتتراجع عن قرار تخصيب اليورانيوم، خصوصاً أن الحكومة الإيرانية تمكنت من تحريك الشارع الإيراني وتحويل القضية إلى قضية وطنية، حتى إن شاء النظام الحاكم في إيران فلن تقدر الحكومة على التنازل عن برنامجها النووي، لأنها تحولت إلى قضية كبرياء وطني وهذا سيكلف النظام الحاكم في إيران الكثير خصوصاً أمام الشارع المحلي
ومن المتوقع أن تزيد العقوبات الأوروبية الجديدة من حدة التوتر بين إيران والغرب، كما أنها ستعقد المشكلة أكثر مما عليه الآن.
وتأتي هذه الخطوة عقب امتناع شركات التأمين الأوروبية عن تأمين السفن النفطية التي تنقل النفط الإيراني لزبائنها.
وتزامناً مع بدء سلسلة العقوبات الأوروبية الجديدة سينخفض مستوى إنتاج إيران اليومي من النفط الخام إلى ما بين 600 ألف إلى 800 ألف برميل يومياً، وكما أنَّ العقوبات الجديدة تدفع الريال الإيراني لأن يخسر الكثير من قيمته أمام الدولار الأمريكي، وخسر الكثير من قيمته بحيث تجاوز سعر الدولار الأمريكي في أسواق العملات الإيرانية أكثر من عشرين ألف ريال, وهذه هي المرة الثانية منذ شتاء العام الماضي التي يخسر فيها الريال الإيراني قيمته أمام الدولار الأمريكي، ويتجاوز سعر العشرين ألف ريال.
كما انتقد المراقبون المحليون في إيران السياسة التي انتهجتها الحكومة الإيرانية في التقليل من شأن تأثير العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني والتعتيم الإعلامي حول مدى تأثيرها على الحياة اليومية للمواطنين، كما انتقد المراقبون للشأن الإيراني سياسة الحكومة في تخزين النفط في السفن النفطية، وفي الخزانات على أمل إيصالها يوماً إلى الأسواق العالمية، ويقولون إن هذا قد يؤدي إلى توفق إيران لإنتاج النفط الخام خلال الأشهر القليلة المقبلة, مما سيحدث أزمة مالية لشركة النفط الوطنية وسيجبرها على تسريح الكثير من الأيدي العاملة فيها.
ومنذ الأشهر الماضية التي بدأت فيها إيران سلسلة مباحثاتها حول برنامجها النووي مع الغرب لا تزال تصر على أن برنامجها النووي في التخصيب ليس مسألة قابلة للنقاش, ورغم فرض المجتمع الدولي عقوبات جديدة وأشد قسوة على إيران فإنه لم تظهر إيران أي تراجع في شأن برنامجها النووي.
ويشار إلى أن المباحثات الأخيرة التي أجريت في "موسكو" مؤخراً اتفق الجانبان على أن تتم المباحثات المقبلة على مستوى الخبراء في الأسبوع المقبل في "اسطنبول" فقط ولن يجتمع كبار المفاوضين النوويين على الأقل حتى وقت قريب.
ويعتقد منتقدو سياسات الغرب حيال البرنامج النووي الإيراني بأن الأوروبيين فقدوا فرصة ذهبية في المباحثات الأخيرة التي جرت في موسكو، وحسب هؤلاء المراقبين كان بإمكان الأوروبيين خفض مستوى العقوبات الدولية حتى يكسبوا ثقة إيران وحثها على التراجع عن بعض قراراتها المتعقلة باستمرار تخصيب اليورانيوم, إلا أنَّ العقوبات الأخيرة دفعت الساسة في طهران إلى فقد ثقتهم بالغرب والإصرار على الاستمرار في برنامجهم.
كما أن مجلس الأمن الدولي طالب إيران بالتوقف الفوري عن تخصيب اليورانيوم حتى تثبت للمجتمع الدولي ما تدعيه من أن برنامجها نووي سلمي ولا تنوي إنتاج أسلحة نووية.
العقوبات الأخيرة أثرت سلبياً على الاقتصاد الإيراني
ويقول الخبراء الاقتصاديون المحليون في إيران إن العقوبات الدولية الأخيرة تركت تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الإيراني إلا أنها لا يمكنها أن تشل الاقتصاد الإيراني, كما أن هؤلاء الخبراء يعتقدون أن عائدات النفط الإيرانية كانت كبيرة في الفترة الأخيرة، وأن لدى الحكومة فائضاً من الأموال الآتية من بيع النفط في عام 2012 لدرجة أنها تفوق ميزانية الحكومة الإيرانية في عهد الرئيس الإصلاحي السابق "محمد خاتمي"، ولن تحدث أية مشكلة في الفترة المقبلة على الاقتصاد الإيراني حتى لو انخفض مستوى إنتاج إيران للنفط الخام إلى النصف.
ويعتقد المراقبون بأن إيران لن توقف برنامجها النووي بأي شكل من الأشكال وذلك بسبب الأيدلوجية المعقدة التي تحكم النظام الحاكم في طهران، وأن موافقتها في المفاوضات النووية ليس إلا سعيا من الساسة في إيران إلى تأخير العقوبات والالتفاف على العقوبات قدر ما استطاعت الحكومة الإيرانية ذلك.
وتستند العقوبات الأوروبية المفروضة على إيران إلى القرير الصادر عن الوكالة الدولية في نوفمبر من العام الماضي، ورغم هذا كله يقول منتقدو العقوبات إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يقدم الجديد في ما يخص برنامجها النووي.
ويقول بعض الدبلوماسيين الغربيين إن سبب فرض الاتحاد الأوروبي المزيد من العقوبات الاقتصادية على إيران كان لإرضاء إسرائيل وحثها على التخلي عن قرار شن ضربة عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، وهناك عدد قليل من الدبلوماسيين الأوروبيين ممن يعتقد بأنه كان على مجموعة خمسة زائد واحد إرجاء موضوع توقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في اجتماعهم الأخير الذي جرى في موسكو.
وأعلنت واشنطن قبل مباحثات موسكو أن لا شيء تغير، ويعتقد هؤلاء الدبلوماسيون أن على الغرب تقديم المزيد من الحوافز لإيران، مقابل التخلي عن برنامجها النووي.
وطالب سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين الغرب مؤخراً الاعتراف بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية وإلغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على بلاده، كما أنه لم يقدم أي وعود في حول توقف تخصيب اليورانيوم الإيراني في مفاوضات موسكو.
ويعتقد الساسة الغربيون بأن العقوبات الدولية المفروضة على إيران ستكون ورقة للضغط في أي مفاوضات مستقبلية لإجبارها على توقف برنامجها، إلا أنه حتى الآن لم تصدر أي ردة فعل من قبل طهران حيال العقوبات الأخيرة حتى الآن.