كشرت وزارة المالية عن أنيابها فى خطتها للعام المالى المقبل 2012 – 2013، بتوجهات تقشفية وسياسة "شد الحزام"، والمتمثلة فى ترشيد الدعم والإنفاق العام، مطالبة جميع الوزارات والهيئات المختلفة، بتنمية الموارد العامة سواء على مستوى الجهة أو المستوى القومى، والأدوات والبرامج اللازمة لتنفيذ هذا، وحتى يتسنى تحقيق أهداف الثورة.
وقال مصدر مسئول بالوزارة إن توجهات الموازنة الجديدة ستسعى لتجنب عيوب الموازنة الحالية، خاصة فيما يتعلق بترشيد الإنفاق العام بالهيئات المختلفة، ووضع خطط واضحة لهذا الأمر بكل هيئة بعد تلقى مقترحاتها ومناقشتها، مع الإبقاء على الدعم وترشيده فى الوقت نفسه، حفاظا على المال العام.
وحملت ملامح خطة الموازنة الجديدة التركيز على تحقيق الأهداف التى نادت بها ثورة 25 يناير، والمتمثلة فى شعارات "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية"، وهو ما يتطلب إعادة بناء الثقة والأمان بين الحكومة والمواطنين، من خلال الاهتمام بمحدودى الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وجاء بالمنشور: "أن تحقيق الثقة المطلوبة يتطلب أيضًا الشفافية فى الأمور الاقتصادية والاجتماعية التى تمس كافة المواطنين، وهو ما يعنى أنه لم يعد من المناسب حجب أية موارد أو مصروفات بعيدا عن الموازنة العامة للدولة أو بمنأى عن حساب الخزانة الموحد، بالإضافة إلى زيادة فرص التشغيل، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والقيم الأخلاقية والدينية، ومحاربة الفساد وملاحقة المفسدين قانونا".
من جانبه قال محمود الشاذلى، رئيس قطاع الموازنة العامة الأسبق بوزارة المالية، إن منشور إعداد الموازنة للعام المالية المقبل لم يأت بأى جديد، لافتاً إلى أنه يتضمن نفس ما تضمنته منشورات الموازنة على مدار السنوات الماضية.
وأضاف الشاذلى، أن المشكلة لا تتعلق بصياغة التوجه العام للموازنة، وإنما فى كيفية التطبيق من خلال الجهات والهيئات المختلفة، لافتا إلى أن الممارسة العامة سواء لوزارة المالية بهيئاتها أو الوزارات والجهات الأخرى، هى المتسبب الأول فى عدم تحقيق الهدف من الموازنة العامة، وهو تعظيم العائد وترشيد النفقة.
وتابع رئيس قطاع الموازنة الأسبق أنه طالما ظل المسئولون عن الوزارات المختلفة هم أنفسهم دون تغيير وبنفس الفكر والعقليات السابقة، لن تتمكن وزارة المالية من تحقيق أهدافها المعلنة حول الموازنة الجديدة، منتقداً قيام الوزارات المختلفة بطلب مصروفات أكثر من حاجتها الفعلية، وووضع تقديرات أقل من الحقيقى لإيراداتها.
وفيما يتعلق بإمكانية جعل الهيئات المختلفة قادرة على تغطية نفقاتها، قال الشاذلى إن هذا الأمر يصعب تحقيقه، فى ظل مطالبة الحكومة للهيئات الاقتصادية بدعم المنتج المقدم للجمهور، مثل السكة الحديد والصرف الصحى والكهرباء، مؤكدا أن تحويل هذه الجهات إلى هيئات قادرة على تغطية نفقاتها يتطلب أن تبيع خدماتها بالسعر الحر وليس المدعم، وهو عكس التوجه العام بالإبقاء على دعم هذه الخدمات.
وطالب الشاذلى بضرورة اهتمام وزارة المالية بتحقيق العائدات الضريبية العادلة من خلال تحصيل متأخراتها التى لم يتبين حتى الآن الرقم الحقيقى لها، لافتاً إلى أن هذا التوجه لابد أن يكون مطبقا بجميع الجهات التى لها مستحقات لدى المتعاملين معها.
وترتكز الخطة المالية الجديدة على زيادة الدخل القومى ورفع معدلات النمو الاقتصادى، من خلال زيادة معدلات الإنتاج وربطه بالأجر، وتشجيع الاستثمار وتهيئة المناخ الملائم له، وزيادة التصدير، وتحقيق التوازن المالى طويل الأجل سواء فى الداخل أو الخارج.
وأكدت الوزارة أن أهداف الموازنة يتم من خلالها رسم إطار مالى وفكرى للاقتصاد المصرى، لضمان نجاح السياسة المالية لخدمة الاقتصاد القومى.
وطالبت الوزارة، جميع جهات الموازنة، بأن ترسل لها مقترحاتها لترشيد الإنفاق العام وتنمية الموارد العامة، سواء على مستوى الجهة أو المستوى القومى، والأدوات والبرامج اللازمة لتنفيذ هذا.
وشدد المنشور على استمرار خدمات الدعم السلعى والتعليم والصحة والنقل وغيرها، باعتبارها جزءاً من الدخول الحقيقية للمواطنين وإن كانت غير مباشرة، مشيراً إلى أن الأداء الجيد لهذه الخدمات وضمان توصيلها لمستحقيها يمثل هدفًا استراتيجيا حرصا على المال العام، مع زيادة الدعم لمن تقل دخولهم، مقابل تخفيض الدعم عن ذوى الدخول المرتفعة.