رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة
لفت رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة إلى أنه لا يمكن للحكومة اللبنانية الحالية أن تؤتمن على إدارة الانتخابات النيابية وهي باقية لأن حزب الله يريدها.
وأن ما يجري في سوريا ناتج عن التقصير الفادح الذي كان ولا يزال يعاني منه النظام السوري لأنه لم يلتفت لمطالب شعبه عندما أُعطيت له الفرصة مرات.
وفي حديث لبرنامج "ستوديو بيروت" الذي يبث على قناة "العربية" أشار السنيورة أن الحكومة اللبنانية ذهبت بعيداً جدا في استعمال وصفة "النأي بالنفس" واعتبرتها سحرية لمعالجة كل أمر من الأمور، حتى الداخلية والاقتصادية منها.
وقال: "تبين أن هذه الحكومة، وبسبب عدم وحدة الموقف لدى أعضائها، وبسبب الخلافات في ما بينهم وأيضا الأهداف التي تجمّعوا من أجلها في الحكومة، ومن ثم السياسات التي لم تكن واضحة لا من الناحية الأمنية ولا السياسية ولا الوطنية ولا من الناحية الاقتصادية والمعيشية، لم تستطع أن تعد موازنة، وهي أبسط بديهيات الواجبات الدستورية التي تتوجب على الحكومة.
فلا هي استطاعت أن تعد موازنة عام 2011 ولا استطاعت أن تعد موازنة عام 2012، وبالتالي ضاعت بين أعضائها في كيفية قوننة الإنفاق، ويسود الكثير من أعضائها هذا الحال من الكيد السياسي ومحاولة اختراع العدو ومحاولة استغلال هذا الأمر من أجل تأجيج الخلافات".
إقتراح حكومة تكنوقراط
وأقر السنيورة أنه اقترح، عندما كُلّف الرئيس ميقاتي وقام بزيارة له، تأليف حكومة تكنوقراط آنذاك، إلا أنه لم يؤلفها، وبالتالي جاءت حكومة الطرف الواحد، والتي هي في الأنظمة الديمقراطية ممكنة ولكن ليس عندما يصبح الهمّ لدى كل طرف من هذه الحكومة محاولة اختراع أشباح ومحاولة مطاردتها.
وأكمل السنيورة قائلاً "بعد كل هذه الفترة من الفشل والأداء الخطأ على كل الأصعدة السياسية والوطنية والأمنية وكذلك أيضا الاقتصادية والمعيشية، وجدنا أن ليس هناك من طريقة من أجل خفض هذا المنسوب من التوتر الذي يتأجج في البلاد وأيضا لما يسمى إدارة أفضل للشأن العام على كل الأصعدة، وبما أننا على بعد حوالي سنة وأكثر من الانتخابات وبالتالي لا يمكن لهذه الحكومة أن تؤتمن على إدارة هذه الانتخابات لأنها بطريقة أدائها وبكل مواقفها، هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق".
وأردف "هذه الحكومة باقية فقط لأن "حزب الله" يريدها أن تبقى، وإيران تريدها أن تبقى، وسوريا كنظام أيضاً تريدها أن تبقى. هذه هي الأسباب الوحيدة، أما بالنسبة إلى الإنجاز، نجد أنه وعلى كل صعيد من أصعدة الإنجاز ليس هناك من تبرير حقيقي يجعل الناس يتمسكون باستمرار هذه الحكومة.
"النأي بالنفس"
وعن الاعتداءات السورية على الجانب اللبناني، استغرب السنيورة سياسة الحكومة وأسلوب "النأي بالنفس" في من يُقتل على الأراضي اللبنانية أو في الاعتداءات التي تتم على الأراضي اللبنانية، وبالتالي تكون الحكومة آخر من يعلم وتنأى بنفسها عما يجري وكأنها لا تدري ما يحصل. وقال السنيورة "نحن فعلياًّ لا نريد وليس بإمكاننا وليس من مصلحتنا أن نتدخل في الشؤون الداخلية السورية ولكن عندما نقول إننا لا نريد أن نتدخل لا يمكن لنا أيضاً بسبب ما يجري أن نصبح غير معنيين بما يجري. نحن حريصون على سيادة أرضنا لجهة أنه في حال حصول أي تسلل فنحن نمنعه، أي تدخل أو تهريب سلاح نمنعه. إذا كان هناك من تهريب، فعلى الحكومة اللبنانية أن تعمل من أجل منعه وكذلك الحكومة السورية".
وتابع السنيورة قائلاً "عندما سعينا في السنوات الماضية من أجل ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، كان معروفاً كيف كان الموقف السوري في حين كان هدفنا بناء العلاقة القوية والصحيحة المبنية على الندية بين الفريقين لكنهم لم يقبلوا.
نحن نقول إننا لا نريد التدخل، لكن على الصعيد الإنساني والسياسي لا يمكن أن نبقى غير معنيين. على صعيد اللاجئين، لا يمكن لنا من الناحية الإنسانية أن نقول بأننا غير معنيين بالأمر أو أننا نقبل بطلبات يقال إن النظام السوري تقدم بها من أجل ترحيل هؤلاء الذين لجأوا إلى لبنان. هناك شيء يسود هذه المعاهدة وهو ما يسمى الاتفاقات التي تتم بين المجتمع الدولي وبين أعضائه. هم يهربون بسبب الظروف التي يعلم الجميع أنهم إذا سُلّموا يكون مصيرهم القتل أو التصفية. سياسيا، من حق اللبناني أن يعبر عن رأيه، لا يمكن كم أفواه اللبنانيين ومنعهم من الكلام. نحن نعيش عالماً آخر".
وعن الوضع في سوريا أشار السنيورة أنه ناتج عن التقصير الذي كان ولا يزال يعاني منه النظام السوري، لأنه لم يلتفت لمطالب شعبه عندما أُعطيت له الفرصة مرات ومرات على مدى الثلاثة عشر شهراً الماضية، مثلما أُعطيت لهذا النظام فرص كثيرة منذ عام 2000 ثم عام 2005 عندما انسحب من لبنان، وبعد ذلك مرات ومرات، لم يستطع أن يعالج المشاكل التي يمر بها ويرى هذا التغيير الجاري في العالم وما يقومون به هو ضد مصلحتهم الشخصية وضد مصلحة بلدانهم.
حيوية العالم العربي
وعن الأحداث في العالم العربي قال السنيورة إن "ما نشهده الآن هو حيوية بالغة في العالم العربي، وبرأيي أن ما يجري هو مثل الإعصار الذي يحمل هذه الطاقة الكبرى ولا يستطيع أحد أن يقف في وجهه. الطريقة الوحيدة هي كيفية التلاؤم والتكيف مع هذه المتغيرات الكبيرة التي تحمل آمالاً كبرى، وأيضا تحمل آلاماً تشبه آلام الحمل والوضع، هذا ما سنمر به ولكن هذا في النهاية سيأتي بالخير لأن الحالة التي عشنا فيها على مدى سنوات طويلة واستُعملت كل الأدوات من أجل إبقاء الناس ساكنين وراضين بما قُسم لهم بأن تبقى هذه الأنظمة عقوداً طويلة وبالتالي تبيعهم أوهاماً وما يسمى "لا صوتاً يعلو فوق صوت المعركة"، وبالتالي انتهينا إلى أننا أضعنا وقتاً وفرصاً من دون أن نسترجع شبراً واحداً من الأراضي العربية ومن دون أن نحسّن مستوى معيشة الإنسان العربي كما كنا نتوقع، ومن دون أن نعطيه هذا القدر من الكرامة الذي كان يبغيه".
وختم السنيورة قائلاً "إن أهم فكرة خرج الناس بها إلى الشوارع هي فكرة استرجاع الكرامة بإنهاء فترة التهميش التي عاشوا فيها. ويخطئ من يظن أن القضية الفلسطينية رجعت إلى المقاعد الخلفية.
على العكس من ذلك، فالقضية الفلسطينية ما زالت القضية المحورية، ولكن ما عاد بإمكاننا الاستمرار في تصديق الكلام الذي سمعناه منذ سبعين عاماً وفي بيع الناس أوهاماً حول استرجاع فلسطين فيما لم نحقق شيئاً ولم نستعدّ بالطريقة التي يمكن أن تحقق لنا استرجاع فلسطين".
Al Arabiya 10 May, 2012
-
Source: http://www.alarabiya.net/articles/2012/05/10/213328.html
--
Manage subscription | Powered by rssforward.com