يتعامل قانون المنظمات غير الحكومية في روسيا، المثير للجدل، مع المنظمات التي تستفيد من تمويل خارجي ولها نشاط "سياسي" بوصفها أنه "منظمات عميلة للخارج"، ويضعها تحت رقابة مشددة.
وصوت البرلمان الروسي على هذا القانون بأغلبية وصلت إلى 83% من أصوات النواب، ثم أحاله للرئيس للمصادقة عليه.
القانون الذي طرحه حزب "روسيا الموحدة" الموالي للكرملين، وأدرج بصورة عاجلة على جدول أعمال البرلمان الروسي، تم التصويت عليه في ثلاث قراءات خلال أسبوعين رغم احتجاجات المدافعين عن الحريات والمعارضة الليبرالية والخبراء القانونيين.
وينص مشروع القانون على تسجيل خاص للمنظمات غير الحكومية التي تستفيد من تمويل أجنبي وتشارك في "نشاط سياسي" على الأراضي الروسية، تختلف إجراءاته عن تسجيل المنظمات أخرى.
وينص على اعتبار هذه المنظمات"عملاء للخارج" في كل اتصال أو نشاط رسمي وإخضاعها لمراقبة مالية صارمة جداً، وتحت طائلة فرض غرامة عليها تبلغ مليون روبل (25 ألف يورو) والسجن أربع سنوات.
وأعرب العديد من المحللين عن قناعتهم بأن هذا القانون، هو الخطوة الثانية في خطة الكرملين للتعامل مع تنامي الاحتجاجات ضد سياسات السلطة، وسيعقب إقراره تعديلات على قانون المعلومات، تمنح المسؤولين الحكوميين في روسيا سلطة إغلاق صفحات الإنترنت دون قرار المحكمة، عبر وضعها في القائمة السوداء.
أما رئيس مجلس الأمن القومي الروسي فقد أعلن أن بعض المواقع الإلكترونية المتواجدة في دول أوروبية تستخدم للتحريض في المظاهرات ضد الكرملين.
وستمكن هذه التعديلات السلطات الحكومية من إغلاق مواقع إلكترونية أو منعها من الوصول إلى روسيا إذا لم تحذف إدارة الموقع المواد المنشورة التي تعتبرها السلطات "غير مناسبة".
وفيما يرى نواب حزب روسيا الموحدة في البرلمان أن هذه التعديلات هي من أجل حماية الأطفال من المواقع الضارة، استاءت قطاعات واسعة من الشارع الروسي من هذه التعديلات لأنها تفرض رقابة حقيقية على شبكة الإنترنت.
وأعلن قادة المعارضة الروسية أن السلطات الحكومية تمنح نفسها حق إغلاق مواقع التواصل الاجتماعي في روسيا مثل فيسبوك وتويتر، والمواقع الروسية ومنها "في كونتكت" و"ادنو كلاسنيك" دون أمر من المحكمة استناداً لهذا القانون، وذلك بهدف إجهاض حراك المعارضة والاحتجاجات على تزوير نتائج الانتخابات التي جرت الشتاء الماضي في روسيا، نظراً إلى أن قادة المعارضة والمواطنين الروس يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي المذكورة لتنظيم احتجاجات ونشر انتقادات للرئيس بوتين.
ويأتي إقرار قانون المنظمات غير الحكومية وبدء مناقشات البرلمان للتعديلات على قانون المعلومات التي اقترحها الرئيس بوتين، بعد أسابيع من إصدار قانون تنظيم المظاهرات السيئ الصيت، الذي يفرض عقوبات قاسية علي منظمي المظاهرات غير المرخصة والمشاركين فيها، تتضمن غرامات مالية تصل إلى أكثر من 10 آلاف دولار.
وكانت المعارضة الروسية قد اعتبرت هذا القانون وثيقة لإعدام الدستور الروسي، تستهدف تصفية حق المواطنين في التعبير عن رأيهم.
ويندرج مشروع القانون في إطار توجهات الرئيس بوتين لإدارة سبل التعامل مع المعارضة الروسية، التي طالبت بإلغاء انتخابات البرلمان والرئاسة بسبب عمليات التزوير التي ارتكبت، وذلك عبر مظاهرات حاشدة انتشرت في عدد من المدن الروسية.
وكان بوتين قد اتهم الولايات المتحدة بأنها تدفع ملايين الدولارات إلى المعارضة والمنظمات غير الحكومية في محاولة للسيطرة على نتائج الانتخابات الروسية.