اهتمت الصحف الأمريكية والبريطانية بالجدل الدائر فى مصر حول المقترحات الحكومية بمنح صلاحيات سياسية للجيش فى الدستور، فتحدثت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عما وصفته بالمواجهة بين الإسلاميين فى مصر والمجلس العسكرى الحاكم بعد الكشف عن مقترحات تضمن استمرار تدخل الجيش فى الحياة السياسية حتى بعد انتخاب البرلمان والرئيس.
وأبرزت الصحيفة تهديد حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، بتنظيم احتجاجات شعبية واسعة تصل إلى مليونية جديدة فى الثامن عشر من نوفمبر الجارى ما لم تسحب الحكومة المقترحات التى تمنح الجيش حق دستورى فى التدخل.
وتوقعت الصحيفة، أن تزيد هذه المقترحات حالة الاستقطاب فى السياسة المصرية قبل أقل من شهر على إجراء الانتخابات البرلمانية.
ولفتت فاينانشيال تايمز إلى موقف بعض الأحزاب العلمانية مثل حزب التجمع اليسارى الذى أعلن أنه سيدعم تعزيز قوى الجيش باعتبارها وسيلة لتقليص نفوذ الإسلاميين الذين من المرجح أن يحققوا أكبر كتلة فى البرلمان المقبل وإن لم تكن أغلبية.
وأشارت الصحيفة إلى الاجتماع الذى عقده على السلمى نائب رئيس الوزراء، مع ممثلى الأحزاب السياسية للكشف عن وثيقة المبادئ الدستورية التى تعفى الجيش من الرقابة المدنية وتسمح له بالتدخل فى السياسة، وهو الاجتماع الذى قاطعه الإخوان والسلفيون.
ونقلت الصحيفة عن سعد الكتاتنى القيادى بحزب الحرية والعدالة، قوله إن الشعب هو الحامى الحقيقى للشرعية الدستورية وليس الجيش، وأضاف قائلاً: يفترض أن ندافع عن مكاسب الثورة لكن ما يحدث محاولة للتحايل على إرادة الشعب.
وأوضحت الصحيفة، أنه من بين المواد الأخرى التى أثارت غضب الإخوان تلك التى تحدد اختيار 20 فقط من أعضاء اللجنة المعنية بصياغة الدستور والتى سيكون عددها 100 عضو من البرلمان، فى حين سيكون باقى الأعضاء من النقابات والهيئات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى. كما سيكون من حق المجلس العسكرى الاعتراض على أى مادة فى الدستتور يراها مخالفة للمكونات الأساسية للدولة والمجتمع المصرى وللحقوق والحريات التى منحتها الدساتير السابقة.
ونقلت الصحيفة عن عماد جاد، عضو لجنة التوجيه فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى المصرى، قوله إنه وافق على هذه المقترحات، وإن كان حزبه لم يعلن موقفه منها بعد، وبرر ذلك قائلاً: "إننا لا نعيش فى مجتمع ديمقراطى، بل نحن فى مرحلة انتقالية، والجيش وحده هو القادر على ضمان مبادئ الدستور مثل الحرية والمساواة، فبعض السلفيون يقولون للناس إن التصويت لهم واجب دينى، وأن التصويت لليبراليين خطيئة، ومع التطور الديمقراطى سنكون قادرين على الحد من سلطات الجيش مثلما حدث فى تركيا".
من جانبها، علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية على المقترحات الخاصة بسلطات الجيش، وقالت إنها التعبير الأوضح والأكثر علانية حتى الآن عن الطموحات السياسية للجيش فى مرحلة ما بعد انتقال الحكم.
ورأت أن هذه المقترحات تكشف عن أن أعضاء المجلس العسكرى يأملون فى أن يكونوا هم ومصالحهم المالية فوق الرقابة المدنية حتى بعد أن يقوموا بتسليم السلطة.
ونقلت الصحيفة عن أحمد شكرى المتحدث باسم حزب العدالة الليبرالى، قوله: "إن الجيش يحاول تأمين مستقبله، لكننا لا نرى الأمر كذلك"، مشيراً إلى انسحابه من مؤتمر السلمى مع مندوبى عدد من الأحزاب الأخرى بعد أن أطلعوا على المقترحات.
وأضاف قائلاً: "نريد أن نبنى دولة تقوم على الديمقراطية والمؤسسات، والجيش هو جزء من هذه المؤسسات لكن لا أحد فوق القانون".
واعتبرت وول ستريت أن الجيش يعتزم الحفاظ على مزايا محددة تمتع بها فى ظل نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، خاصة فيما يتعلق بمنع البرلمان من مناقشة تفاصيل ميزانية الدفاع.