أثار مشروع قانون جديد يعد الأول من نوعه في تاريخ المغرب، ويتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين، جدلاً واسعاً في المغرب، حيث رفضت منظمات حقوقية وفعاليات مدنية وسياسية عديدة هذا القانون لكونه قد يتيح للمسؤولين في المؤسسة العسكرية الإفلات من العقاب.
واعتبر مراقبون بأن قانون حصانة العسكريين، والذي تعرضه الحكومة حاليا على البرلمان للمصادقة عليه، يخالف مقتضيات الدستور الجديد في المغرب الذي يشدد على المساواة بين المواطنين، كما لا يُساير المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، الشيء الذي يسيء إلى صورة البلاد دوليا في مجال حقوق الإنسان.
وتنص بعض مواد مشروع القانون محط الجدل الدائر في البلاد على أنه "لا يُسأل جنائيا العسكريون بالقوات المسلحة الملكية الذين ينفذون الأوامر التي يتلقونها من رؤسائهم في إطار أي عملية عسكرية تجري داخل التراب الوطني.
وتشير المادة السابعة من مشروع القانون المذكور إلى أن العسكريين "يتمتعون بحماية الدولة مما قد يتعرضون إليه من تهديدات أو متابعات أو تهجمات أو ضرب أو سب أو قذف أو إهانة، بمناسبة مزاولة مهامهم وأثناء القيام بها أو بعدها"، إضافة إلى استفادة عائلاتهم من حماية الدولة.
معارضة حقوقية
وطالبت 18 منظمة حقوقية مغربية، أمس الجمعة من الحكومة والبرلمان "عدم شرعنة قواعد الإفلات من العقاب"، الذي يتضمنه مشروع قانون حصانة العسكريين، وذلك بإدخال تعديلات عميقة على نص القانون حتى لا يكون أداة لعدم متابعتهم ومساءلتهم جنائياً، ما يعني حصانتهم المطلقة من المحاكمات القضائية.
واعتبرت المنظمات الحقوقية أن قانون حصانة العسكريين يمس بالحريات العامة ويهدد سلامة وحياة المواطنين، ويخالف بشكل واضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان وللدستور نفسه، ومطالب المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية"، مشددة في الوقت ذاته على أنه "لا ينبغي ممارسة انتهاكات حقوق الإنسان وخرق القوانين تحت مبررات احترام قواعد الطاعة والانضباط العسكري".
ودعا مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية على مشروع القانون، الذي سُمي بقانون حصانة العسكريين، إلى مراجعة وتعديل المادة السابعة خصوصا من مشروع القانون، لما يتضمنه من تشريع يخرق مبادئ حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية المنشودة في البلاد.
ومن جهتها عارضت الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي الصحراء هذا القانون، حيث اعتبرت الحصانة الممنوحة للعسكريين في المادة 7 "لا تتماشى مع روح الدستور وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في ما يتعلق بمساءلة الأجهزة الأمنية، وكذا المعاهدات الدولية التي صادق عليه المغرب".
خرق الدستور وحقوق الإنسان
من جهته أكد الدكتور إبراهيم أسعيدي، الخبير الدولي في السياسات الدفاعية والأمنية بالعالم العربي، في تصريحات لـ"العربية.نت"، أن المادة السابعة من مشروع القانون تتعارض بشكل صريح مع عدد كبير من بنود الدستور التي تشكل البنية العامة لنظام العلاقات المدنية والعسكرية بالمغرب.
وأفاد أسعيدي بأن بعض مقتضيات الدستور تقوم على المساواة بين المواطنين في الدفاع عن الوطن ووحدته وفق الفصل 38، وتنص على أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون حسب الفصل السادس، بمن فيهم العسكريون، الذين يجب أن يتمتعوا بمحاكمة عادلة كبقية المواطنين، وفقاً لمقتضيات الفصل 120 من الدستور..
واسترسل الخبير بأن مشروع القانون في حالة مصادقته سيكون من صالح المسؤولين العسكريين الكبار عند تورطهم في حالات الفساد لكون قانون الحصانة يعفيهم من المتابعة القانونية والقضائية داخليا وخارجيا، غير أنه سيخيب آمال أجيال جديدة من العسكريين ينشدون تأسيس قواعد شفافة وديمقراطية داخل المؤسسة العسكرية.
وكانت الحكومة، مُمثلة في إدارة الدفاع الوطني التي أنجزت مشروع القانون المثير للجدل، قد أكدت قبل أيام قليلة بأنه عند صياغة فصول القانون تم "احترام القانون الجنائي وقانون الانضباط العسكري، كما حصل الاستئناس بالقوانين المماثلة الموجودة في بلدان أخرى".
هذا ويشمل مشروع قانون "الضمانات الأساسية الممنوحة للعسكريين" ستة عشر مادة تحدد العديد من الحقوق المادية والمعنوية والإدارية للمشتغلين في مختف الأسلاك العسكرية، غير أن بعض البنود في نص القانون أثارت جدلا عارما داخل الأوساط السياسية والحقوقية في البلاد، على إثر مطالب فرق المعارضة البرلمانية بدراسة مدى موافقته لمبادئ حقوق الإنسان وبنود الدستور المغربي الجديد.
Al Arabiya 26 May, 2012
-
Source: http://www.alarabiya.net/articles/2012/05/26/216688.html
--
Manage subscription | Powered by rssforward.com