فاجأ وزير الاتصال ناصر مهل الجزائريين، بتوجيه دعوة جديدة للمغني الفرنسي من أصل يهودي أنريكو ماسياس لزيارة الجزائر، وهو ما يعني رفع "الحظر" الذي كان مضروباً عليه منذ سنوات.
وكان المغني ماسياس قد اعتزم زيارة الجزائر منذ عام 2000، لكن تحركاً شعبياً حال دون ذلك، وجدد العزم عام 2007، لكن كان الشارع ضده مرة أخرى.
غير أن تصريحات وزير الاتصال الجزائري تكشف للمرة الأولى أن "ماسياس هو من تراجع عن زيارة الجزائر بنفسه".
وفي هذا السياق، نفى وزير الاتصال الجزائري ناصر مهل على أمواج "راديو الشرق"، الذي يبث من باريس، أن يكون أحدٌ منع المغني اليهودي، الإسرائيلي-الفرنسي الجنسية، أنريكو ماسياس، من زيارة الجزائر، البلد الذي ولد ونشأ فيه.
مهل كان يتواصل مع ماسياس
وزير الاتصال الجزائري ناصر مهل
وذهب الوزير مهل أبعد من النفي وعرض على المغني- المرفوض شعبياً - زيارة الجزائر: "ما من أحد منع أنريكو ماسياس من القدوم إلى الجزائر، والفرنسيون الذين يرغبون في زيارة الجزائر مرحّب بهم بمن فيهم أنريكو ماسياس إن أراد ذلك".
وواصل مهل ردّه على "ادعاءات" ماسياس بأن هناك مَنْ وقف في وجه زيارته مسقط رأسه، وتحدّاه: "أنا أعي ما أقول، لقد كنت في صلب العلاقة بين الجزائر وباريس حينها، وأنا من كان يكلم ماسياس، والزيارة ألغيت من طرف ماسياس نفسه، وبوسعي أن أقدم له الدليل أنه هو الذي ألغى السفر وليس الجزائريين".
وواصل الوزير الجزائري هجومه على المغني الفرنسي من أصل يهودي قائلاً: "هناك ميل كبير في الجزائر لالتزام الصمت لأننا لا نريد التسبب في مشاكل اليوم، وقد انقضت عشر سنوات عن ذلك، وأنا عضو في الحكومة الجزائرية ويسعني القول إن ماسياس قد كذب".
وأضاف أن العلاقات الجزائرية الفرنسية "لا يجب أن تتعثر بزيارة ماسياس أو عدمها".
بلخادم: ماسياس زائر غير مرغوب فيه
وخطّط ماسياس لزيارة الجزائر عام 2000 أي شهور بعد انتخاب بوتفليقة رئيساً للجزائر في أول عهداته، بعدما رأى "إشارات إيجابية" من بوتفليقة ومحيطه، لكن هبّة شعبية بزغت ونادت بحرمان هذا الرجل من زيارة البلاد مهما كلف الثمن، وتراجع ماسياس عن الزيارة تحت ضغط شعبي.
وجاء عام 2007، وفيه قرر الرئيس الفرنسي الأسبق أداء زيارة رسمية على الجزائر ووعد ماسياس بمرافقته في الوفد الرسمي حتى لا يعترض أحد على زيارته كونه مرافق الرئيس.
لكن رئيس الحكومة أيامها عبدالعزيز بلخادم قال إنه سيقاطع زيارة ساركوزي إذا رافقه المغني اليهودي: "لن أستقبله ولن أصافحه"، وقال إن ماسياس "زائر غير مرغوب فيه بالجزائر".
وخلال جولة له عبر محافظات جزائرية، راح بلخادم يؤلب الجماهير على المغني، وقال: "إن لديه غصّة من الجزائر"، و"إنه من أنصار الجزائر الفرنسية" واتهمه بـ"مناصرة جنود الاحتلال الإسرائيلي في تفتيتهم عظام المقاومين الفلسطينيين".
وبالفعل أجهضت الزيارة، وواسى ساركوزي ماسياس قائلاً: "اصبر، ستزورها في وقت لاحق"، وردّ ماسياس: "حتماً سأزور الجزائر ومسقط رأسي مدينة قسنطينة يوماً ما".
وجدير بالذكر أن مدينة قسنطينة تزينت لماسياس إذ ذاك، ودهنت المقبرة اليهودية باللونين الأزرق والأبيض، لكن هبّة شعبية أخرى عصفت بأحلام الفتى "المُحنّ"، وكانت هذه المرة أقوى وأشد تنظيماً، حيث ولدت "تنسيقية وطنية لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني"، ترأسها صديق مقرّب جداً من الرئيس الراحل أحمد بن بلة ومن عبدالعزيز بلخادم، هو خالد بن إسماعيل، والتف حوله أبناء الشهداء والمجاهدين، واتضح لماسياس - ومن دعاه من الرسميين الجزائريين - أن الأمر جِدّ فعلاً، وأن الجزائر "أرض ممنوعة" عليه.
تحذيرات من زيارته
وتعليقاً على الموضوع، حذّر المحلل السياسي الدكتور عبدالعالي رزاقي، ماسياس من زيارة الجزائر، وقال إنه قد يصيبه مكروه.
وقال رزاقي لـ"العربية.نت"، إن الجزائريين "معروفون بكرههم المفرط لكل ما هو يهودي، فكيف إذا تعلق الأمر برجل كان صهره ذبح الجزائريين في حرب التحرير"، وكان يقصد ريمون، وهو مغنّ أيضاً، ارتكب مجازر في حق الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي.
ورأى رزاقي في دعوة الوزير مهل ماسياس في هذا التوقيت "استفزازاً لمشاعر الجزائر في خمسينية استقلالهم".
وقال رزاقي إن ما قام به مهل "عمل غير اخلاقي"، وأضاف: "لو جاءت الدعوة على لسان وزيرة الثقافة خليدة تومي لقبلنا الأمر ولتفهمناه لأنه سبق لها وأن زارت إسرائيل، لكن أن يأتي الكلام على لسان غيرها فأعتقد أن هذا ليس أخلاقياً البتة".
واتهم رزاقي وزراء في حكومة أويحي بـ"إلهاء الشعب الجزائري بمشاكل هامشية وشغله عن مشاكله اليومية الحقيقية".
وقال المتحدث أيضاً إن ماسياس تناول العشاء رفقة الوفد الرسمي الجزائري الذي ترأسه الرئيس بوتفليقة، خلال زيارة رسمية إلى فرنسا في عهدة ساركوزي قبل عام 2007 ، حيث "جرت محاولات لتعريفه بالوزراء، وهناك من يشهد بهذا، وقد جلس ماسياس إلى طاولة وزير سكن جزائر سابق، وخلال هذا العشاء تلقى ماسياس الدعوة لزيارة الجزائر، لكن الزيارة لم تتم رغم أنه كان سيرافق ساركوزي لاحقاً".
وعلى صفحات الشبكات الاجتماعية، هاجم الناشط الجزائري المعروف بـ"صالح حنا في حنا" دعوة الوزير مهل، في فيديو بعنوان: "مهل مُرحباً بأنريكو ماسياس في الجزائر إذا أراد ذلك".
وقال صالح إن مهل دعا رجلاً مسانداً للمجازر في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص أيام "الرصاص المصبوب"، وخاطب الوزير مهل قائلاً: "ليس لدينا مشكل مع ديانات الناس، لكن هل سألت أهل الجزائر وأهل مدينة قسنطينة إن كانوا سيسمحون بزيارة ماسياس؟".
وقال صالح: "هناك قصة قديمة يعرفها أهل مسقط رأس ماسياس، تقول إن جد ماسياس تبوّل في ساحة مسجد في قسنطينة ليهين الجزائريين"، وختم قائلاً إن "الجزائريين يعرفون مَنْ هو ماسياس".
Al Arabiya 10 Jul, 2012
-
Source: http://www.alarabiya.net/articles/2012/07/10/225625.html
--
Manage subscription | Powered by rssforward.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق