يزحف نحو 45 ألفاً من رجال "الحرس البلدي"، منذ ليلة أمس، باتجاه العاصمة الجزائرية قادمين من مدينة البليدة (40 كلم غرب العاصمة) لمطالبة الحكومة بما قالوا إنه "رد الاعتبار لتضحياتهم التي بذلوها في مقاومة الإرهاب طيلة 15 عاماً".
وأثار ذلك حفيظة السلطات ما جعلها تحشد مدخل العاصمة الغربي بمئات من قوات مكافحة الشغب المدججين بالعصيّ وشاحنات المياه الساخنة التي ركنت على جنبات الطرق خشية تحوّل المسيرة إلى أعمال شغب، بفعل دخلاء.
وقد تجمع أفراد "الحرس البلدي" في مدينة البليدة بشكل سري ليلة أمس، حتى لا يمكّنوا قوات الأمن من إجهاض مسيرتهم في مهدها، واتجهوا نحو العاصمة للتظاهر هناك.
و"الحرس البلدي" سلاح استحدثته الحكومة عام 1994 لشدّ أزر قوات الأمن والجيش في حربهما على الإرهاب خاصة في القرى والأرياف، حيث ينحدر معظم أفراد الحرس البلدي من عائلات هشّمها الإرهاب، فحمل أغلبهم السلاح انتقاماً لأهله ودفاعاً عن قراهم، وكانوا يتقاضون رواتب لا تصل إلى تلك التي كان يتقاضاها رجال الجيش والأمن، بالنظر إلى حجم العمل الكبير الذي كانوا يقومون به في مكافحة الإرهاب، حيث كانوا يتقدموا الصفوف، كما يقولون.
المكان "سري"
وإلى اللحظة يبقي "الزاحفون" السرية على المكان الذي سيتجمّعون فيه بالعاصمة، ويقول الناطق باسمهم، حكيم شعيب، وهو عسكري سابق في الدرك الوطني، إن مكان التجمع لن يكشف عنه وسيبقى عنصر المفاجأة وحده الكفيل بمعرفة نقطة النهاية في مسيرة الاحتجاج، وإن نسبت أطرف لشعيب القول إن الهدف هو الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وهو هدف يبدو بعيد المنال فعلاً، بالنظر للتحصينات الأمنية والخطوط الدفاعية المتينة التي تحمي مقر الرئاسة من مداخله الخمسة.
وتكذّب مصادر أخرى رقم 45 ألفاً الذي صرّح به شعيب للإعلام، حيث يقول مراقبون كانوا على مقربة من المسيرة، إن الرقم التقريبي هو 20 ألفاً، وهو رقم لا بأس به أيضاً بالنظر إلى أن الجزائر لم تعرف مسيرات كهذه منذ أيام جبهة الإنقاذ الإسلامية المحلة التي كانت تنظم تجمعات في الملاعب بمئات الآلاف.
مطالبات بتحسين الظروف المهنية
وفي البليدة وحدها تجمّع 6000 وكذلك قدموا من المدن المجاورة وبدأ الرقم في التصاعد شيئاً فشيئاً، وقد قصد هؤلاء العاصمة بطرق مختلفة، عبر سيارات أجرة وحافلات وسيارات خاصة ثم ترجّلوا بمجرد أن وصلوا منطقة بئر خادم.
وفي هذه المنطقة رأت "العربية نت" حجم القوات التي رصدتها الحكومة للتصدي للمسيرة حال تحوّلها إلى أعمال شغب، واكتفت القوات المرابطة بتأطير الحرس البلدي، الذين كان أغلبهم يرتدي الزيّ الرسمي، بينما فضل آخرون الإفلات من مراقبة قوات مكافحة الشغب خشية احتجازهم ومنعهم من الالتحاق بمكان التظاهرة.
ويطالب رجال الحرس البلدي بتحسين ظروفهم المهنية وتخصيص تعويضات مالية "تكون في مستوى تضحياتهم لا مجرد فُتات لإسكاتهم"، حيث يذكر أن الحكومة كانت قلّصت أعداد أفراد هذا السلك عام 2011 بفعل تراجع مسببات وجوده، وهو الإرهاب، فأحالت 22 ألفاً منهم إلى التقاعد وأدمجت آخرين في وظائف الحراسة داخل الإدارات وفي الغابات.
ولقيت هذا الإجراءات رفضاً قاطعاً من "تنسيقية الحرس البلدي" واعتبرتها "تنكراً لتضحياتها في وقت كان لابد أن تجازى خير الجزائر، لأنها حمت الجمهورية من السقوط".
ومن أهم مطالب "الحرس البلدي" أيضاً، ما تعلّق باحتساب ساعات العمل الإضافية التي شغلوها خلال سنوات الأزمة، والتي يقولون إنها 16 ساعة عن كل يوم طيلة 15 سنة.
ويقولون إنهم اكتشفوا أنهم "خُدعوا" وأنهم كانوا مُؤمّنين عن 8 ساعات عمل فقط بينما كانوا يعملون 24 ساعة في اليوم، وبناءً عليه رفضوا ما يُسمى التقاعد النسبي بصيغته الحالية وطالبوا بالحصول على منحة نهاية الخدمة.
وتواصل "نضال" هؤلاء الرجال من أجل الحصول على حقوقهم، فالتقوا العام الماضي وأنشأوا تنسيقية تتحدث باسمهم، ورفعوا لائحة مطالب إلى الحكومة، طالبوا من خلالها بتعويضات مالية كبيرة للمحالين على التقاعد وطالبوا أيضاً برفع أجور المدمجين في الوظائف الجديدة، وتسقيف الأجر القاعدي للمتقاعدين والمدمجين بـ18 ألف دينار ( 1100 دولار)، واستمر التفاوض بينهم وبين الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية ثم رئاسة الجمهورية.
ولما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود تجمعوا في العاصمة في أبريل من العام الماضي وحشدوا مسيرة هائلة في "ساحة الشهداء" في قلب العاصمة، وباتوا هناك ليلة أو ليلتين، وفي الصباح زحفوا نحو مقر المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، ولم تفلح قوات مكافحة الشغب في منعهم من الزحف، ورفعوا شعار أن الدولة "استفادت من شبابهم وقوتهم أيام ضعفها، ولما استقوت قابلتهم بجزاء سنمار وتنكّرت لهم".
Al Arabiya 09 Jul, 2012
-
Source: http://www.alarabiya.net/articles/2012/07/09/225416.html
--
Manage subscription | Powered by rssforward.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق