اعتبر سياسيون وقانونيون أن مطالبات الإسلاميين بوضع دستور إسلامى للرد على المبادئ الحاكمة للدستور ما هو إلا استعراض عضلات للإسلاميين ومحاولات فرض الدولة الدينية والقفز على مطالب تحقيق الدولة المدنية.
وذكر البعض أن الحديث عن دستور إسلامى الآن ما هو إلا خطوة لتمزيق الدولة، فى وقت يطالب فيه الجميع بوحدة الصف والتماسك قبل وضع الدستور الجديد الذى يعبر عن جميع فئات المجتمع، معربين عن رفضها لطريقة تعامل الإسلاميين مع المبادئ الحاكمة رغم اتفاق الغالبية من المجتمع على هذه المبادئ.
من جانبه، قال حسين عبد الرازق القيادى بحزب التجمع، إن مطالبة الإسلاميين بوضع "دستور إسلامى" لمواجهة وثيقة المبادئ فوق الدستورية تؤكد ما ذهب إليه كثيرون من أن تيار الإسلام السياسى فى مصر بشكل عام يسعى لتأسيس دولة دينية، وأن حديثه فى بعض المراحل عن دولة مدنية ذات مرجعية دينية كان فى الواقع حديث عن دولة دينية إسلامية، مشيرا إلى أن التاريخ السياسى لمصر منذ عام 1919 ورفع شعار "الدين لله والوطن للجميع" كان يقوم على رفض الدولة الدينية وعلى ضرورة تأسيس دولة مدنية فى مصر، إضافة إلى أن تجارب الدولة الدينية كما حدث فى طالبان وأفغانستان وإيران تؤكد أن قيام دولة دينية يؤدى إلى التمييز وإهدار حقوق المواطنة وتأسيس نظام استبدادى.
وأضاف عبد الرازق أن تسمية دستور إسلامى تعنى دولة دينية، مؤكدا أن هذا الطرح يتعارض مع دستور 1971 الملغى ومع الإعلان الدستورى الحالى.
ووصف باسل عادل عضو المجلس الرئاسى لحزب المصريين الأحرار مطالبة الإسلاميين بـ"دستور إسلامى"، بأنه خطوة تؤدى إلى تمزيق الدولة، مضيفا أن مصر بها ما يقرب من 9 مليون مسيحى، الأفضل أن يسمى دستور مصرى ويكون متوافقا عليه من الجميع، وأوضح أن الإسلاميين يريدون خطف وتوجيه الثورة ومكاسبها فى اتجاههم وصالحهم فقط، متسائلا عن سبب هذه المطالبات رغم تأكيد الليبراليين على أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع وتمسكهم بالمادة الثانية ورفضهم المساس بها، وقال إن المبادئ فوق الدستورية مبادئ إنسانية وتدور حول حقوق الإنسان الأصلية.
وأشار عادل إلى ضرورة أن يعلم الإسلاميون أن المسألة ليست "إبراز عضلات" وأن حصولهم على الأغلبية فى البرلمان القادم يعنى انفرادهم بالساحة السياسية دون باقى التيارات الأخرى.
وعلق الدكتور عمرو هاشم ربيع مدير وحدة التحول الديمقراطى بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، ردا على مطالب الجماعة الإسلامية بدستور إسلامى ورفضهم وثيقة المبادئ فوق الدستورية، قائلا "إنهم يريدون أن يرجعوا الناس للخلف لعشرات من القرون، مؤكدا على أن الخطاب الإسلامى المتشدد للجماعة الإسلامية خوف ومنع الكثير من الناس، مضيفا: "هم يريدون وضع قيود كثيرة على الناس، وآراؤهم حادة فيما يتعلق بالزى والسياحة والحدود والناس لها حق تخاف"، مؤكدا على أن الإسلام أمر بين المرء وربه، فى حين أن هناك خطابا آخر أقرب للاعتدال وهو خطاب الإخوان المسلمين.
ويرى ربيع أن تهديدات الجماعة الإسلامية وبعض الإسلاميين، بمليونيات مستمرة للتأكيد على وجودهم وقدرتهم على الحشد مثلما فعلوا فى جمعة الإرادة الشعبية هو محاولة لتعميق الخلافات بين القوى السياسية والوطنية التى قامت بالثورة ودعمتها ونادت بمطالبها، مما سيجعل مصر تعود للوراء مرة أخرى، وأنهم بهذه الطريقة سوف يقومون ويساعدون بطريقة غير مباشرة فى عودة فلول النظام والحزب الوطنى المنحل.
وقال عبد الغفار شكر القيادى اليسارى وعضو الجمعية الوطنية للتغيير، إن رأى الجماعية الإسلامية خطير وإن دعوتهم وإصرارهم إقامة دولة يغلب فيها المساواة بين المواطنين فى شكل دولة إسلامية ليس فى مصلحة البلد، بل ضد مصلحة المصريين جميعهم سواء مسلمين أو مسيحيين، واصفا موقفهم بالخطأ وأن آراءهم فجة لا يراعوا فيها مصلحة الوطن، خاصة أنهم كانوا مقهورين من النظام السابق مما يتطلب إتاحة الفرصة لهم للحوار عبر نقاش مفتوح من جانب كافة القومى السياسية بمشاركة الشعب المصرى، مؤكدا على أن من حق كل قوى سياسية أن تعبر عن رأيه ولكن ألا يفرضوا رأيهم.
وأضاف أن تهديدهم بتنظيم مليونيات ضد إصدار وثيقة المبادئ الأساسية للدستور هو ضغط على المجلس العسكرى، لكن من شأنه أن يجعل الأمر مليونيات فى مواجهة مليونيات أخرى مما سيضر بمصر فى النهاية.
وحول ما يتردد فى أنهم أخذوا الثورة على الجاهز خاصة أنهم لم يشاركوا فيها، فقال شكر "أنا ضد حرمانهم من الحياة السياسية والحوار والتعبير عن الرأى"، موضحا أنه رغم جاذبيتهم فى الحديث بالدين فإن الناس تخاف منهم ويريدون الحرية والمساواة.
فيما أكد الدكتور شوقى السيد عضو مجلس الشورى المنحل أنه من حق أى تيار أن يقبل أو يرفض وثيقة المبادئ فوق الدستورية، لكن ليس من حقهم فرض إرادتهم على المجتمع كله، مشيرا إلى أن ما تطالب به الجماعات الإسلامية من دستور "إسلامى" أمر مرفوض فى ظل الحديث عن دولة مدنية وفكرة الدولة الدينية لا يوجد لها قبول فى الشارع المصرى خاصة بعد ثورة 25 يناير.
وعن التهديد بمظاهرات فى حال الرفض، أشار السيد إلى أن الدولة تفض سياسية الاستقواء وفرض العضلات لأننا دولة ديمقراطية، فالشعب سيحدد من يختار لأول مرة دون تدخل أى أحد فى إرادته، وأضاف أن العمل السياسى لا يقوم على أساس دينى لأن الأصل هو عدم الخلط بين الدين والعمل السياسى.
ومن جانبه، أشار الفقيه الدستور الدكتور إبراهيم درويش إلى أنه لا يوجد ما يسمى بالدولة الدينية، فالجماعات الإسلامية والإخوان والسلفيين لكل منهم أجندات ومصالح خاصة فنحن دولة ديمقراطية والانقسامات التى تحدث الآن سوف تعود بمصر إلى أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة، فالدستور هو الدستور ولا يوجد ما يمسى بالمبادئ فوق الدستورية أو الدول الإسلامية أو الكنسية، فالجماعات الإسلامية والإخوان والسلفيون أصبحوا يحلون محل الحزب الوطنى سابقا .
--
Source: http://www.youm7.com//News.asp?NewsID=473228
~
Manage subscription | Powered by rssforward.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق